-->

الجنازة في الإسلام

مراسم الجنازة

تكلمنا في الجزء السابق عن نزول الموت بالإنسان ، وننزل به الغمرات،وتحل به سكرات الموت ،وتفارق روحه جسده،ويطوى سجله الدنيوي ليوضع بعد ذلك على خشبه الغسل ،ثم يكفن بعد ذلك ليصير جنازة تحمل على أكتاف الرجال ،وهنا تنتهي حياته الدنيوية ليبدأ بعدها حياة مختلفة تماما عن الأولى ،قال تعالى: ياأيها الانسان ﴿ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّىٰكَ فَعَدَلَكَ﴾ ‏[الانفِطَارِ 7].

تصور أخي المسلم أختي المسلمة هذا المشهد ،تصور لحظة حمل الجنازة على الأكتاف،هل تتكلم؟ ماذا تقول في هذه  اللحظة؟

أحكام الجنازة في الإسلام

الجنازة في الإسلام

روى الإمام البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ،أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «اذا وضعت الجنازة ،واحتملها الرجال على أعناقهم،فإن كانت صالحة ، قالت: قدموني،وإن كانت غير صالحة قالت: ياويلها أين يذهبون بها ؟يسمع صوتها كل شئ إلا الانسان،ولو سمعه صعق».

اذا وصلت الجنازة الى بيت الغربة ،بيت الوحشة،بيت الضيق،بيت التراب والدود،فلتتأمل فلان صاحب جاه وسلطة سيلقى في هذه الحفرة ،مثله مثل باقي الناس، فقراء كانوا أو العكس، هذه اللحظة لن ينفع معك إلا عملك ورحمة الحي الذي لايموت.

قال صلى الله عليه وسلم : «يتبع الميت ثلاث: أهله وماله وعمله،فيرجع اثنان ويبقى واحد،يرجع أهله وماله ويبقى عمله»
المال يقسم على ورثة الهالك ، ويبقى معك عملك الذي صاحبك في قبرك لوحدك ، ولن يستطيع أحد من أقرباءك أو أصدقاءك المبيت معك ولو لليلة واحدة،ولن ينفعك الا ماقدمت يداك في هذه الدنيا.

أيها الإنسان ،فلتغتنم الفرص الآن قبل فوات الأوان ،يوم تحتاج فيه الى تسبيحة واحدة ،أو تكبيرة واحدة ،أو صيام....أغلق القبر فأصبحت وحدك مسكينا ، بين يدي رب العزة والجبروت ،اللهم أنس وحشتنا في القبر ياأرحم الراحمين.

أخي الحبيب أختي الكريمة ،حياة القبر تسمى بحياة البرزخ،وتعني الحياة الثانية بعد موت الإنسان ،حيث ينتقل بعد ذلك إلى دار البقاء ،لقوله تعالى : ﴿لَعَلِّيٓ أَعۡمَلُ صَٰلِحٗا فِيمَا تَرَكۡتُۚ كَلَّآۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَاۖ وَمِن وَرَآئِهِم بَرۡزَخٌ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ﴾ ‏[المُؤۡمِنُونَ 100].

والدار الثالثة هي دار القرار اما ان تذهب الى الجنة أو النار والعياذ بالله ،أجارنا الله وإياكم من النار فالقبر هو أولى مراحل ومنازل الدار الآخرة ،بعد ذلك تأتي الدار الثالثة ، بعد الحساب .

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ينجيني وإياكم من عذاب القبر ،وأن يسترنا بستره الجميل في الدنيا قبل الآخرة ،انه ولي ذلك و القادر عليه .

أيها المسلم يكفيك زيارة القبور والنظر اليها وتأملها ،لينخلع قلبك،فليعلم الجميع أنه ليس منا من يقدر على المبيت في قبر بين القبور وهو حي ليلة واحدة، فما بالك بعد فراق روحه لجسده.

أسباب عذاب القبر

والجواب عن هذا السؤال هو كالتالي:

· النميمة: وهي نقل الكلام بين الناس على سبيل الافساد، فالنمام يتحرك بنميمته من بيت الى بيت ومن مكتب الى مكتب ...، وهدفه تفرقة الناس والأحباب والأصدقاء ، وكم من نمام فرق بين الأزواج والأحبة والاخوة.

· أكل الحرام: وهذا من أخطر أسباب عذاب القبر ،اللهم جنبنا عذاب القبر،أخي الكريم تجنب أكل مال الناس بالباطل، فمالك بعد موتك سيذهب لورثتك، سيتمتعون به وتسأل عليه أنت من أين جئت به؟وفيم أنفقته؟

· الكذب،الزنا،الربا: كل هذه المعاصي تدخل ضمن الموبقات ،كلها من أسباب عذاب القبر

فعلاج كل ماسبق هو استقامة المرء على منهج رب الأرض والسماوات،وعلى منهج نبيه صلى الله عليه وسلم ،وتتبع الأوامر وتجتنب المناهي والمنكرات ،وتقف عند الحد ، وتجتنب المعاصي والموبقات ، وكل مايغضب الله عز في علاه ،وأوصيك بقراءة سورة الملك كل ليلة ، فأجرها عظيم ، فإن مات ابن آدم في تلك الليلة مات على طاعة ،ومن أعظم الأسباب المنجية من عذاب القبر نذكر الجهاد في سبيل الله .

أسأل الله رب العرش الكريم أن ينجيني وإياكم من عذاب القبر .

أيها الإخوة الأفاضل: ماذا بعد كل هذا ؟
هذا ما سنخوض فيه ان شاء الله في الفصل القدم ، وأسأل الله أن يتقبل مني ومنكم صالح الأعمال.